ماذا يحتاج منتخب مصر للتأهل لمونديال 2026؟
اختيارات حسام حسن قائمة البطولة جاءت اضطرارية في بعض الأسماء، أهمها غياب محمد صلاح، قائد المنتخب، بناءً على طلبه، كما استبعد 16 اسمًا من القائمة التي خاضت بطولة كأس الأمم الإفريقية الماضية بكوت ديفوار، التي ودعها المنتخب من دور الـ16.
الجماهير المصرية لا تحلم سوى بالتأهل لكأس العالم، مونديال 2026 هو الشغل الشاغل لشارع كرة القدم المصرية، فبعد توديع مبكر لأمم إفريقيا، وخسارة أول بطولة تحت قيادة العميد، لا صوت يعلو على صوت المونديال، ولكن ماذا ينقص المنتخب المصري للتأهل لمونديال 2026؟
في بطولة أمم إفريقيا الماضية كان المنتخب المصري صاحب المركز الأول كأعلى المنتخبات المشاركة في البطولة من حيث معدل الأعمال، بمعدل وصل إلى 28.85 عامًا، وهو ما لم يختلف كثيرًا في أولى قوائم “العميد” إذ كان المعدل 27.9 عامًا، ليبدأ الحديث مرة أخرى عن الأسماء الشابة وتجديد دماء المنتخب، للنزول بأعمار المنتخب كما أكد حسام حسن فور توليه المسئولية.
النزول بأعمار المنتخب وضخ الدماء الجديدة بالقائمة، هو أولى خطوات تطوير أداء المنتخب الوطني لاستعادة البطولات مرة أخرى، وذلك لمجاراة منتخبات القارة في الصراعات البدنية، لكن ذلك لا يغني عن رفع الوعي التكتيكي للاعبي الفراعنة خاصة الشباب، لإدارك الأدوار التكتيكية المركبة وتنفيذها على الوجه المطلوب منهم.
على أرض الملعب، فأولى وأكبر أزمات المنتخب الوطني منذ فترة طويلة هي الحالة الدفاعية وثغرات الخط الخلفي للفراعنة.
ربما أحبطت الخسارة أمام كرواتيا البعض من جماهير الفراعنة، رغم أنها كانت متوقعة، ولكن تلك الخسارة كانت مطلوبة، فأن تبدأ مسيرتك لحلم محبط بحقيقة وإن كانت مؤلمة أفضل مائة مرة من أن تبدأها بآمال مبنية على أكاذيب وأوهام.
رباعية كرواتيا أظهرت مرة أخرى عيوب دفاع منتخب مصر الأزلية وهي الكرات العرضية، والتمركزات الخاطئة لظهيري الجنب خاصة في التغطية العكسية، وهنا تأتي أولى النقاط التي يوجب التوقف عندها، فلماذا يظهر دفاع الفراعنة بهذا السوء دائمًا؟
«لا تنظر للكرة فقط» هكذا تأتي تعليمات المدربين للاعبي الدفاع في الركلات الثابتة والكرات العرضية للتأكيد على أهمية التمركز الصحيح ومراقبة مهاجم الخصم وحرمانه من تسلم الكرة، فالتركيز مع الكرة فقط يجعل المهاجم حرًا في التحرك من خلف المدافع والتواجد في مساحة تسمح له بالتسجيل.
أما الجزء الثاني من أزمة دفاع المنتخب الوطني هو فارق الإمكانات الفنية، فخلال السنوات الماضية كانت كفة الجودة الفنية تميل لأحد قلبي الدفاع على الآخر، فيصبح الأقل جودة بمثابة عبئا على زميله، مثل حجازي وعلي جبر من قبل، ومحمد عبدالمنعم ورامي ربيعة في كأس عاصمة مصر الودية.
مركز قلب الدفاع الأكثر تأثرًا من قائمة الفراعنة بأزمة معدل الأعمار، فمثلًا في قائمة الفراعنة لأمم إفريقيا كان محمد عبدالمنعم الأصغر سنًا والوحيد من بينهم في عمر العشرينيات، ويأتي بعده أحمد سامي بعمر الـ31 ثم أحمد حجازي بالـ33 وعلي جبر في الـ35، فمثلًا أحمد سامي على الرغم من اقترابه من نهاية مسيرته الاحترافية إلا أنه يملك مباراة دولية واحدة بمنتخب مصر، حتى ياسر إبراهيم، مدافع الأهلي حاليًا.
أغلب مدربي الفراعنة اختاروا اللعب على المضمون في مركز قلب الدفاع، وظهيري الجنب بالاعتماد على الأسماء التي تتردد على الآذان بشكل مستمر، أو اختيار أسماء بعينها دون غيرها وبغض النظر عن مستواها الفني، ففيتوريا مثلًا علل اختيار علي جبر لقائمة أمم إفريقيا الماضية لأن طوله يفوق الـ190 سم، وأخرج ياسر إبراهيم، الذي قدم واحدًا من أفضل مواسمه مع الأهلي، من القائمة لصالح “جبر” فارع الطول الذي لم يشارك لدقيقة واحدة في البطولة.
فضلًا عن الأزمة التكتيكية في التغطية العكسية من ظهيري الجنب خاصة في الكرات العرضية وسوء الارتداد من الحالة الهجومية للدفاعية.
التباعد بين الخطوط كان السمة الأساسية لأداء الفراعنة بمجرد افتقاده الكرة في المباراتين الماضيتين، وظهرت المساحات بين خطي وسط الملعب والدفاع في مباراتي نيوزيلندا وكرواتيا، واستغلها كلا المنتخبين للوصول لمرمى الفراعنة، والسبب خلف تلك المساحة هو التقدم المتواصل من لاعبي الوسط المساندين للدعم الهجومي وتأخر ارتدادهما للدفاع، بالإضافة إلى انشغال محور الوسط الدفاعي بالضغط على حامل الكرة في وسط الملعب.
مهمة حسام حسن في تصحيح الأخطاء الدفاعية لمنتخب مصر ليست سهلة، والوقت ليس في صالحه ولكن بعض الأخطاء يمكن تداركها بالعمل المكثف والتواصل الفني مع مدربي الأندية خاصة الأهلي والزمالك، للوصول لأفضل حل للأزمة الدفاعية للفراعنة قبل مواجهتي بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية.
بشكل عام، فتكتيك حسام حسن لم يظهر حتى الآن مع المنتخب لضيق الوقت، ولكن ظهرت بعض الملامح الهجومية لأداء قائم على مساحة كبيرة من الارتجال الفردي والمهاري للثلاثي الأمامي، والاعتماد على تبادل المراكز فيما بينهم لتفريغ المساحات في دفاعات الخصوم وإيجاد مساحة يمكن من خلالها الاختراق.
الأسلوب الارتجالي يمتاز بصعوبة توقع دفاع الخصم للخطوة المقبلة من الهجوم، ولكن أمام المنتخبات المنظمة دفاعيًا أحيانًا تصبح الأمور أكثر صعوبة في اختراق الدفاعات، خاصة أمام المنتخبات التي تعتمد على تقارب الخطوط والدفاع المتقارب.
الارتجال وتقدم ظهيري الجنب للهجوم على خطي الملعب لتحرير الجناحين ودخولهم لعمق الملعب، زاد من الضغط على خط الدفاع ووسط الملعب في حالة فقدان الكرة، بالإضافة إلى أزمة وسط الملعب في تقدم لاعبي الوسط المساندين إلى المساحات الأمامية لتشكيل الـ”مثلثات” على جانبي الملعب مع الجناحين وظهيري الجنب، ليصبح الاعتماد في افتكاك الكرة والمساندة الدفاعية على لاعب واحد فقط في وسط الملعب، وهو مروان عطية في أغلب الأوقات.
كما أن أهم الأزمات الهجومية لمنتخب مصر هو قلة استغلال الفرص الهجومية المتاحة وأحيانًا قلة الفرص من الأساس، لهذا يتوجب عليه التركيز في تنويع مصادر صناعة اللعب بين قلب الملعب والجناحين وكذلك الاعتماد على الكرات البينية بين خطوط الخصم، مستغلًا تواجد أكثر من لاعب في وسط الملعب ممن يجيدون التمريرات القصيرة بين خطوط الخصوم، وكذلك إجادة لاعبي الخط الهجومي استلام الكرات تحت الضغط.
تدريجيًا يتوجب على حسام حسن إقحام الـ«4-4-2» واستغلال القدرات الهجومية لعمر مرموش في مركز قلب الهجوم، وزيادة فرص الاستفادة من الكرات المباشرة والطولية إلى عمق الملعب بين مصطفى ومرموش وكذلك تواجد صلاح على الجانب الأيمن للملعب أو في العمق سيمنح المنتخب العديد من الخيارات الهجومية، بجانب الدفع بتريزيجيه في مركز الجناح الأيسر وهنا يأتي أهم الأدوار المركبة لتريزيجيه وإمكانية التبديل بين الجناح ومركز الوسط المساند أو حتى الدفع به في عمق الملعب كصانع ألعاب وتحويل الطريقة.
الـ«4-4-2»» ستمنح المنتخب الوطني العديد من الاختيارات الهجومية بالاعتماد على تبديل مركز أحد الجناحين في حالة افتقاد الكرة وعودته لتقديم الدعم الدفاعي ليصبح لدى الفريق 4 لاعبين في الوسط، وتضييق المساحات، وعودة الجناح الآخر أو أحد لاعبي الهجوم في حالة وجود صلاح على الجناح الأيمن، ويصبح لدى المنتخب 5 لاعبين في الوسط وتتحول الطريقة لـ«4-5-1» وغلق كل المساحات الدفاعية أمام الخصوم.
المشوار ما زال طويلًا، والحكم على حسام حسن ما زال مبكرًا ولكن الأخطاء يجب تداركها مبكرًا حتى نحقق الحلم، هكذا يمكن للفراعنة أن يعود إلى المونديال ويعتلى منصات التتويج الإفريقية.