لماذا تخشى الهند مبادرة “الحزام والطريق” الصينية؟
ويمرق طريق المبادرة في الجزء الذي تسيطر عليه باكستان من إقليم كشمير، المتنازع عليها بين البلدين، والذي كان فتيلاً أشعل 3 حروب سابقة بين الدولتين النوويتين، خلال الفترة من عام 1974 حتى 1999.
وجاء رفض الهند لمبادرة الحزام والطريق، رغم تأييد الدول الأعضاء الأخرى، بما في ذلك روسيا وايران وباكستان، وفق ما أظهر البيان الختامي المشترك لمؤتمر مجلس رؤساء حكومات منظمة شنغهاي للتعاون في 16 أكتوبر الجاري، لتبرز بذلك نيودلهي على أنها العضو الوحيد في المنظمة الذي يُعارض المشروع الطموح لبكين.
وبينما كررت الهند موقفها الصارم تجاه المشروع، حثَّ رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، الدول الأعضاء على عدم النظر إلى مثل هذه المشاريع من خلال “منظور سياسي ضيق”، وفق وصفه، داعياً خلال اجتماع منظمة شنغهاي في عاصمة بلاده إلى توسيع “مبادرة الحزام والطريق الصينية” BRI.
وقال وزير الخارجية الهندي، س جايشانكار، في كلمته خلال القمة: “يجب أن يكون التعاون قائماً على الاحترام المتبادل والمساواة السيادية، وأن يعترف بسلامة الأراضي والسيادة، وأن يُبنى على شراكات حقيقية، وليس على أجندات أحادية الجانب”.
وفي المقابل، حث رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، الدول الأعضاء، على عدم النظر إلى مثل هذه المشاريع من خلال “منظور سياسي ضيق”، وفق تعبيره.
وكان رئيس الوزراء الصيني، لي تشيانج، جدّد قبل يوم من القمة، تعهد بلاده بترقية الممر الاقتصادي، الذي سيتضمن استثمارات بمليارات الدولارات مع باكستان، وقال إن بلاده “مستعدة للعمل مع باكستان للتركيز على إنشاء نسخة مطورة من المشروع”.
ويقع إقليم كشمير شمال غرب الهند، وشمال شرق باكستان، وجنوب غرب الصين في وسط آسيا. وتاريخياً تعرف كشمير بأنها المنطقة السهلة في جنوب جبال الهملايا من الجهة الغربية.
وتُعد المنطقة التي تبلغ مساحتها 222 ألف كيلو متر مربع، موضع نزاع طويل بين نيودلهي وإسلام أباد، فبينما يُسيطر كل منهما على مساحة من كشمير، يطالب أيضاً بالجزء الخاضع للطرف الآخر. ولهذا يُمثل مشروع الممر الصيني الباكستاني قلقاً جيوسياسياً طويل الأمد للهند.
في تصريحات قال سوديش فيرما، وهو قيادي كبير في حزب “بهاراتيا جاناتا”، إنه على الصين “احترام موقف الهند بأن هذه أرضنا”، مشدداً على أن “الازدهار الاقتصادي شيء جيد، لكن ليس على حساب السيادة (الهندية)”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الهندية، راندير جيسوال، في 30 مايو من العام الجاري: “موقفنا من الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني معروف لكم. نحن لسنا في صالحه. نحن ضده. إنه يتعارض مع سلامة أراضينا وسيادتنا”.
وأضاف: “كشمير وجامو ولاداخ، هي أراضٍ هندية، وستبقى جزءاً لا يتجزأ من الهند”.
بينما كررت الهند بشدة معارضتها لمبادرة الحزام والطريق الصينية في قمة منظمة شنغهاي، حث رئيس الوزراء الباكستاني، الدول الأعضاء على عدم النظر إلى مثل هذه المشروعات من خلال “منظور سياسي ضيق”، وذلك في انتقاد واضح لرفض الهند المتواصل تأييد المبادرة، وخاصة الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي يمر عبر كشمير.
وأكد شريف في كلمته الافتتاحية، خلال القمة التي استضافتها بلاده، أهمية توسيع مشروعات مثل مبادرة الحزام والطريق من أجل الاتصال الإقليمي.
وقال: “لا ينبغي لنا أن ننظر إلى مثل هذه المشروعات من خلال المنظور السياسي الضيق، بل علينا أن نستثمر في قدراتنا الجماعية على الاتصال، والتي تعد حاسمة لتعزيز الرؤية المشتركة لمنطقة متكاملة اقتصادياً”.
ودعا رئيس الوزراء الباكستاني، إلى اتباع نهج أكثر تعاوناً في الاتصال، من شأنه أن يُعزز التقدم الاجتماعي والاقتصادي لمنطقة شنغهاي بأكملها.
مبادرة الحزام والطريق هي خطة بقيمة تريليون دولار لبناء شبكات البنية التحتية والطاقة العالمية، أطلقتها الصين في عام 2013، لربط آسيا بإفريقيا وأوروبا من خلال طرق برية وبحرية. وقد وقّعت أكثر من 150 دولة، بما في ذلك روسيا، على المشاركة في المشروع.
ويُعد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، جزءاً من هذه المبادرة، حيث ضخت بكين مليارات الدولارات في باكستان لبناء شبكات الطرق، وميناء استراتيجي، ومطار في إطار هذا المشروع.
وتقول الصين، إن المشروع أحرز تقدماً كبيراً في التعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي بين البلدان والمناطق المشاركة فيه.
أما الهدف، كما تقول بكين، هو أن تلعب الشركات المملوكة للدول التي يمر المشروع عبر أراضيها، دوراً نشطاً في إنشاء البنية التحتية، وتطوير موارد الطاقة، وبناء القدرات الصناعية، إضافة إلى لعب دور نشط في تعزيز المشروعات الخارجية.
لكن منافسي بكين، يرون في مبادرة الحزام والطريق، أداة تستخدمها الصين لنشر نفوذها الجيوسياسي والاقتصادي. وكانت الدول الغربية، تحت مظلة مجموع السبع G7، أعلنت خطة تنافسية بقيمة 600 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للربط العام الماضي.
وبسبب قضية كشمير، شهدت العلاقات بين الهند وباكستان، توتراً على مدى العقود الماضية. وامتدت هذه التوترات بسرعة إلى الحدود الفعلية بين الهند والصين.
وفي مايو 2020، وقعت مناوشات في وادي نهر جالوان، أسفرت عن مصرع 20 جندياً هندياً على الأقل، وأكدت الصين لاحقاً أن 4 من جنودها لقوا حتفهم أيضاً في الاشتباك.
ومنذ ذلك الحين، كثّفت الدولتان الدوريات على طول خط السيطرة الفعلي، وفي بحيرة بانجونج تسو في الهيمالايا، وهي منطقة متنازع بين الهند والصين، يطالب بها الجانبان.
ويرى كالول باتاشاريا، الصحافي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية في صحيفة “ذا هندو”، أنه “في مثل هذه الظروف السائدة هناك نقص في الثقة بين الهند والدولتين المجاورتين الدولتين الجارتين. وبالتالي هناك تراجع في إجراءات بناء الثقة. وربما هذا السبب في تجاهل الهند للمشروع. وإلا، فإن معظم دول جنوب آسيا قد تبنته بالفعل”.