رئيسيعربي ودولي

قمة شنغهاي تتبنى مواقف بوتين وعلى رأسها دعم القضية الفلسطينية

عقدت منظمة شنغهاي للتعاون قمتها الدورية في أستانة في كازاخستان في 3 و4 تموز/يوليو في مناسبة انتهزتها لاتخاذ جملة من المقررات التي كان من شأنها تعزيز علاقات الدول الأعضاء في ما بينها وتعزيز دور المنظمة في العلاقات الدولية.

والجدير ذكره أن قمة شنغهاي شهدت مراسم قبول بيلاروسيا عضواً في منظمة شنغهاي للتعاون، بما يوسع العضوية إلى دول أوروبا الشرقية، في تطور استراتيجي ذي دلالة كبيرة، كما شهدت القمة توقيع 24 وثيقة مشتركة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء بغية تطوير عمل المنظمة.

وقد أصدرت المنظمة بياناً عكس النقاط التي أوردها الرئيس الروسي في تصريحاته. وفي تلميح إلى الولايات المتحدة والدول الغربية، ندد بيان قمة شنغهاي بالنزوع المتزايد إلى استخدام القوة في العلاقات الدولية على حساب القانون الدولي، بما يؤجج الصراعات الجيوسياسية ومخاوف عدم الاستقرار في العالم.

وجاء في الإعلان أن الدول الأعضاء المهتمة، التي اختارت استخدام الطاقة النووية المدنية، ستعمل على تطوير التعاون بشروط طوعية ومتفق عليها بشكل متبادل في مجال البحث والابتكار والتطوير وتنفيذ التقنيات النووية المدنية، وفقًا للتشريعات الوطنية.

وأشار البيان إلى أن الدول الأعضاء تشدد على أهمية ترسيخ برامج لحماية البيئة والتركيز على التنمية المستدامة. كذلك، ركزت القمة على ضرورة منع تسليح الفضاء الخارجي والاستخدام السلمي للغلاف الجوي ومنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي.

والجدير ذكره أن هذه القرارات كانت قد أتت في تماهٍ كبير مع جملة مواقف أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة شنغهاي، والتي شكلت خطوطاً عريضة لتحديد استراتيجية روسيا، وأيضاً الدول الأعضاء في المنظمة، تجاه بنية النظام الدولي والعلاقة مع الغرب، عدا عن المواقف تجاه مختلف القضايا الدولية الأخرى، ومن ضمنها القضية الفلسطينية.

وقد اعتبر الرئيس بوتين أن العالم متعدد الأقطاب أصبح حقيقة واقعة، مشيراً إلى أن “دائرة الدول التي تدعو إلى نظام عالمي عادل، والتي تعد مستعدة للدفاع عن القيم التقليدية، آخذة في الاتساع”.

ورأى الرئيس الروسي أن منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة الدول الأعضاء في البريكس باتتا تشكلان الركائز الرئيسية للنظام العالمي الجديد الآخذ في التشكل، معتبراً أنهما باتتا محركاً قوياً للتنمية العالمية في إطار تعزيز نظام متعدد الأقطاب مستند إلى مبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول مع التركيز على الدور المحوري للأمم المتحدة.

وأكد بوتين أن توثيق العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء في منظمة شغهاي للتعاون يعود بالفوائد عليها، مشيراً إلى أن تطوير استراتيجية تنمية منظمة شنغهاي للتعاون حتى عام 2035 سيحدد آفاقاً لمزيد من تعميق التعاون، “ليس في السياسة والأمن فحسب، ولكن أيضاً في الاقتصاد والطاقة والزراعة والتقنيات العالية والابتكارات”.

وشدد الرئيس الروسي على أن بلاده تولي أهمية كبيرة للتعاون القائم على الشراكة في إطار منظمة شنغهاي للتعاون، وخصوصاً أنه يرتكز على مبادئ المساواة ومراعاة مصالح الدول الأعضاء واحترام التنوع الثقافي والحضاري والبحث عن حلول جماعية للمشكلات الأمنية الملحة.

وفي لفتة إلى عزم منظمة شنغهاي للتعاون على التحول إلى تحالف عسكري موازٍ لحلف شمال الاطلسي الناتو، أكد بوتين أن جهاز مكافحة الإرهاب التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون سيتحول إلى مركز عالمي لمواجهة جملة كبيرة من التهديدات الأمنية، مؤكداً أن من أولويات منظمة شنغهاي للتعاون الحفاظ على أمن الدول الأعضاء ومحيط حدودها الخارجية، والذي تجلى في المقررات التي اتخذتها، مشيراً إلى قرار المنظمة بإنشاء مكتب لمكافحة الإتجار بالمخدرات ومركزه دوشانبي.

ومن أبرز المواقف التي أطلقها الرئيس بوتين كانت تلك التي تتعلق بالقضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على غزة، فقد اعتبر الرئيس الروسي أن “الصراع المتنامي في قطاع غزة يهدد استقرار قارة أوراسيا”، في إشارة إلى أن روسيا وشركاءها يعتزمون عدم ترك ملف القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي حكراً على الولايات المتحدة والغرب، خصوصاً أنهم باتوا يعتبرون أنه يشكل خطراً على أمنهم القومي، وهذا يدل على أن المواقف الروسية المتميزة التي أطلقت خلال الأشهر التي تلت انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة باتت تشكل مبادئ تتبناها منظمة شنغهاي للتعاون، وإن لم تصدر موقفاً علنياً بشأنها في البيان الختامي للقمة.

موقف الرئيس الروسي جاء مكملاً لتصريحات سابقة له اعتبر خلالها أن العدوان الإسرائيلي على غزة يشبه إلى حد كبير العدوان النازي على ليننغراد خلال الحرب العالمية الثانية، وهو بذلك لم يساوِ بين الصهيونية والنازية فحسب، بل إنه ساوى أيضاً بين الشعب الفلسطيني ومظلوميته وعائلته التي كانت محاصرة في ليننغراد خلال الحرب العالمية الثانية. كذلك، سبق أن أعلن الرئيس الروسي أن المسؤولية تقع على عاتق الولايات المتحدة في ما وصلت إليه الأمور في الشرق الأوسط، معتبراً أن واشنطن أساءت إدارة ملف الصراع العربي الإسرائيلي على مدى العقود السابقة.

وقد ترافقت مواقف الرئيس الروسي مع مواقف لمندوب روسيا في الأمم المتحدة تتبنى مظلومية الشعب الفلسطيني، كما ترافقت مع محاولات موسكو لجمع الفصائل الفلسطينية ضمن أجندة سياسية موحدة، وهذا ما جعلها تستضيف عدة مؤتمرات للفصائل الفلسطينية في موسكو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *